شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ، المحاضرة الرمضانية الرابعة والأخيرة التي نظمها "مجلس محمد بن زايد" بعنوان "كيف تساعد التكنولوجيا المؤسسات على النمو لمواكبة المستقبل" واستضافها جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي.

قدم المحاضرة السيد سليم إسماعيل، المدير التنفيذي المؤسس لجامعة "التفرد" والمؤسس المشارك ورئيس مجلس إدارة مؤسسة OpenExO وعضو مجلس إدارة مؤسسة "إكس برايز" الأمريكية غير الربحية.

وشهد المحاضرة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية وسمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان ومعالي الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان مستشار الشؤون الخاصة في وزارة شؤون الرئاسة وعدد من الشيوخ والمسؤولين.

وأبدى المحاضر إعجابه بما وصفه بـ"المرونة" التي أظهرتها الإمارات في تطبيق وتحديث أنظمة العمل الحكومي، مشيراً إلى أن التغييرات الكبيرة التي تعتمدها الإمارات في منظومة العمل الحكومي تعد أفضل ما يمكن فعله كاستعداد للمستقبل والفرص التي تحملها الحقبة القادمة من عمر البشرية.

وأشار إلى اعتماد التشريعات واللوائح التنظيمية المرتبطة بالقطاعات التكنولوجية الحديثة سيسهم في تعزيز جاذبية الإمارات في المستقبل القريب، خصوصاً وأن ذلك سيجعلها تتقدم الكثير من دول العالم في هذا الجانب، وقال: إن الاستباقية التي أظهرتها الإمارات في وضع التشريعات المعنية بمتطلبات المستقبل رائعة وستعني الكثير.

وتحدث إسماعيل عن سمات التحولات التكنولوجية التي تحدث في عالمنا اليوم، والكيفية التي ينبغي علينا التأقلم بها مع هذا التغيرات السريعة التي تحدث أمامنا والتي وصلت إلى مضاعفة التكنولوجيا كل 9 أشهر، وهي مستويات ربما لم نشهدها طوال تاريخنا.. وقال: علينا أن نكون مستعدين وأن نملك الشجاعة الكافية لتغير طريقة عمل الأشياء من حولنا والبحث عن الحلول باستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

وشدد المحاضر على أن التطورات غير المسبوقة في عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي قد تشكل تحدياً أمام الأنظمة وقادة الدول غير القادرة على مواكبة ما يحدث من حولها، مشدداً على أهمية تحلي صناع القرار والحكومات بالمرونة والسعي للتأقلم بوتيرة أكبر مما فعلت في أي وقت سابق، مشيراً إلى أنه كلما زادت مرونة المؤسسات بمختلف أشكالها زادت فرص نجاحها.

وطرح إسماعيل معادلته الخاصة للمؤسسات الراغبة بمواكبة المستقبل والمكونة من أربعة محاور، أولها احتضان التكنولوجيا التحويلية، وثانيها: هيكلة المؤسسات سواء كانت حكومية أو خاصة لكي تكون قادرة على التكيف مع التحولات التكنولوجية الكبيرة. وثالثها تغيير عقلية التعامل مع الأفكار الجديدة، وانتهاءً بعدم الخوف من التطوير والتغيير.

وتحدث المحاضر عما أسماه بمقاومة التغيير في المؤسسات، مؤكدا أن المؤسسات التي لا تتكيف مع الثورة الرقمية ستتلاشى، وأن الشركات غير المستعدة للتكيف مع هذه الثورة ستتخلف عن الركب. وقال إنه لابد من مواجهة التيار المعارض للتغيير في المؤسسات، وعرض تجربة "أمازون" في هذا الخصوص والتي قامت على عدم رفض أي فكرة جديدة، وأن تكون الإجابة التلقائية في التعامل مع الأفكار الجديدة هي نعم وليس لا، وإلزام كل من يرفض فكرة جديدة تقديم مبررات الرفض في تقرير من صفحتين وبالتالي وجدت أغلب الأفكار طريقها للتجربة والاختبار.

وأشار المحاضر إلى أن عملية التطور التي عرفها العالم كانت تأخذ شكلاً مختلفاً حيث يبرز قطاع أو اثنين دون غيرهما فيقودان مرحلة تغيير كبرى، إلا أن ما نعيشه اليوم يبدو مختلفاً حيث إننا نملك عددا كبيرا من التكنولوجيات التي تتحرك بشكل متسارع للإمام دفعة واحدة، وبما يساوي تضاعف التكنولوجيات خلال كل 9 أشهر.

وأطلق المحاضر على ذلك الحراك مسمى "لحظات غوتنبرغ" مشبهاً إياها باختراع "يوهانس غوتنبرغ" للطباعة في القرن الخامس عشر والتي غيرت العالم وأحدثت ثورة في طرق نقل وتبادل المعرفة، ويرى أننا نشهد لحظات مشابهة حيث نستغل الحوسبة والاتصالات السلكية واللاسلكية والرقمنة وغيرها من التقنيات المتسارعة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد والطائرات دون طيار وعلم الوراثة والروبوتات في تعزيز عالمنا وابتكاراتنا ... وهو ما سيؤدي إلى تغييرات جذرية في مجتمعاتنا.

واستشهد بعدد من الابتكارات التي تشهد تصاعداً ووفرة غير اعتيادية كالتصوير حيث أتاح الابتكار والرقمنة قدرة فائقة على تصوير الالاف من الصور في وقت قياسي ومشاركتها بشكل فوري دون الحاجة إلى معدات التحميض والتخزين القديمة، كما استعرض ما وصفه "الطفرة الزراعية" التي باتت تشكلها الزراعة العمودية عبر تقليص الاعتماد على المياه المستخدمة في الزراعة لأكثر من 90 فالمئة، فيما يرى أن المردود الذي يمكن أن يحصل عليه البشر من تلك الطفرة والابتكار قد يقود البشرية إلى إيجاد حلول غير اعتيادية لتحديات المياه والأمن الغذائي.

وشدد المحاضر أن نجاح تلك الابتكارات جاء نتيجة لارتباطها باحتياجات الانسان وإيجاد الحلول الأكثر رخصاً وكفاءة وغزارة لإنتاج تلك الاحتياجات، مستعرضا العديد من السلع والمنتجات والأجهزة التي أسهم الابتكار والتكنولوجيا في تحقيق وفرة فيها كالسيارات والهواتف والمعدات المنزلية وكيف أنها تحولت إلى انتاج وفير ومبهر.

وأشار إلى ان التكنولوجيا القديمة كانت مكلفة جداً وغير متاحة للعديد من الدول الفقيرة، إلا أن السمة الأبرز للتكنولوجيا والابتكارات الحديثة هو قدرتها على الانتشار السريع وغير المكلف، مستشهداً بلجوء عدد من القرويين في فيتنام إلى استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل قوارب التنقل والصيد شديدة الصغر هناك، مؤكداً أن هذا النوع من الممارسات يشكل عنوان المرحلة المقبلة للبشرية، حيث سيستفيد الجميع من وفرة التكنولوجيا ورخصها في تسهيل الأعمال وتنظيم أغلب مظاهر الحياة من حولنا.

عرضت خلال المحاضرة مشاركات مرئية عبر الفيديو، حول موضوعها، لكلّ من الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز الدراسات المستقبلية في جامعة دبي، والسيد بنغ شياو، الرئيس التنفيذي لمجموعة "جي 42".

وستبث المحاضرة يوم الخميس 28 أبريل الساعة 5:55 مساءً على عدد من القنوات المحلية بجانب قناة يوتيوب الخاصة بمحاضرات "مجلس محمد بن زايد".

وجاءت المحاضرة ضمن سلسلة محاضرات شهر رمضان المبارك التي نظمها "مجلس محمد بن زايد" وتناولت العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية ذات الأهمية لمجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة والعالم، من خلال استضافة نخبة متميزة من الخبراء والمفكرين من داخل الدولة وخارجها.

X
تساعدنا ملفات تعريف الارتباط في تحسين تجربة موقع الويب الخاص بك. باستخدام موقعنا ، أنت توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
غلق